أسرار الممالك الثلاث
مرحباً , نتمنى أن تكون على ما يرام : تفضل بتسجيل الدخول إذا كنت أحد أعضاءنا , او تفضل بالتسجيل إذا أردت الانضمام إلى اسرتنا الكريمة.

تسجيلك في المنتدى سيمنحك فرصة المشاركة في المواضيع و ابراز رأيك في المنتدى, و ستفتح لك مميزات جديدة و اقسام جديدة لدخولها.
أسرار الممالك الثلاث
مرحباً , نتمنى أن تكون على ما يرام : تفضل بتسجيل الدخول إذا كنت أحد أعضاءنا , او تفضل بالتسجيل إذا أردت الانضمام إلى اسرتنا الكريمة.

تسجيلك في المنتدى سيمنحك فرصة المشاركة في المواضيع و ابراز رأيك في المنتدى, و ستفتح لك مميزات جديدة و اقسام جديدة لدخولها.
أسرار الممالك الثلاث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى تاريخي , يهتم بتاريخ الممالك الثلاثة واليابان والتاريخ الاسلامي , ويشتمل المنتدى كذلك على اقسام أخرى متنوعة.
 
أحدث الصورالتسجيلدخولالرئيسية
يتم تفعيل العضوية الغير مفعلة من قبل نفس العضو عبر بريده الالكتروني بشكل دوري من قبل الإدارة لذى اذا لم يتمكن العضو من تفعيل عضويته عبر البريد الالكتروني سوف تتكفل الإدارة بذلك من خلال لوحة التحكم ..
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم
اقتباسات عشوائية

 

 المحاضرة الاولى : الهجرة النبوية - غزوة بدر - غزوة أحد - غزوة تبوك - فتح مكة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
The Philosopher
Duke
Duke
The Philosopher


ذكر عدد الرسائل : 2288
العمر : 29
الدولة : UAE
أفضل مملكة : Wei
تاريخ التسجيل : 23/10/2009

المحاضرة الاولى : الهجرة النبوية - غزوة بدر - غزوة أحد - غزوة تبوك - فتح مكة  Empty
مُساهمةموضوع: المحاضرة الاولى : الهجرة النبوية - غزوة بدر - غزوة أحد - غزوة تبوك - فتح مكة    المحاضرة الاولى : الهجرة النبوية - غزوة بدر - غزوة أحد - غزوة تبوك - فتح مكة  Icon_minitimeالجمعة 21 أكتوبر 2011, 5:38 pm

المحاضرة الاولى :

- بداية الهجرة النبوية الشريفة

- غزوة بدر

- غزوة أحد

- غزوة تبوك

- فح مكة المكرمة

========================================================

بداية الهجرة النبوية الشريفة :

بعد أن نجحت بيعة العقبة الثانية، وأصبح الأنصار يمثلون عددًا لا بأس به في المدينة المنورة وَقبِل الأنصار أن يستقبلوا رسول الله ، وأن يحموه مما يحمون منه نساءهم وأبناءهم وأموالهم.. بعد كل هذه الأمور العظيمة، والتي حدثت في فترة وجيزة جدًّا، جاء الوحي إلى رسول الله يأذن له بفتح باب الهجرة لأصحابه إلى المدينة المنورة.

كل من يستطيع أن يهاجر فليهاجر، بل يجب أن يهاجر. يستوي في ذلك الضعفاء والأقوياء.. الفقراء والأغنياء.. الرجال والنساء.. الأحرار والعبيد.

الكل يجب أن يهاجر إلى المدينة.. فهناك مشروع ضخم سيُبنى على أرض المدينة.. وهو مشروع يحتاج إلى كل طاقات المسلمين.. هذا هو مشروع إقامة الأمة الإسلامية.. ولن يسمح لمسلم صادق بالقعود عن المشاركة في بناء هذا الصرح العظيم.

انظروا إلى الآيات تتحدث عن الهجرة:

{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا * إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا * وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 97- 99].

الهجرة لم تكن أمرًا سهلاً ميسورًا.. الهجرة لم تكن ترك بلد ما إلى بلد ظروفه أفضل، وأمواله أكثر (ليست عقد عمل بأجر أعلى).. الهجرة كانت تعني ترك الديار.. وترك الأموال.. وترك الأعمال.. وترك الذكريات.. الهجرة كانت ذهابًا للمجهول.. لحياة جديدة.. لا شك أنها ستكون شاقة.. وشاقة جدًّا.. الهجرة كانت تعني الاستعداد لحرب هائلة.. حرب شاملة.. ضد كل المشركين في جزيرة العرب.. بل ضد كل العالمين.. الحرب التي صوَّرها الصحابي الجليل العباس بن عبادة الأنصاري t على أنها الاستعداد لحرب الأحمر والأسود من الناس.

هذه هي الهجرة.. ليست هروبًا ولا فرارًا، بل كانت استعدادًا ليوم عظيم، أو لأيام عظيمة؛ لذلك عظّم الله جدًّا من أجر المهاجرين {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ} [الحج: 58، 59].

صدر الأمر النبوي لجميع المسلمين القادرين على الهجرة أن يهاجروا، لكن لم يبدأ هو في الهجرة إلا بعد أن هاجر الجميع إلى المدينة.. فلم يكن من همه أن ينجو بنفسه، وأن يُؤَمِّنَ حاله، وأن يحافظ على أمواله.. إنما كان كل همه أن يطمئن على حال المسلمين المهاجرين.. كان يتصرف كالربّان الذي لا يخرج من سفينته إلا بعد اطمئنانه على كل الركاب أنهم في أمان.. فالقيادة عنده ليست نوعًا من الترف أو الرفاهية، إنما القيادة مسئولية وتضحية وأمانة.

بعد موت أبي طالب والسيدة خديجة رضي الله عنها.. ومنذ ذلك التاريخ، والرسول يخطِّط للهجرة.. وكان من الممكن أن يكون مكان الهجرة مختلفًا عن المدينة لو آمن وفد من الوفود التي دعاها الرسول إلى الإسلام مثل بني شيبان أو بني حنيفة أو بني عامر، ولكن الله أراد أن تكون الهجرة إلى المدينة المنورة.

فليس المهم هو المكان، ولكن المهم هنا ملاحظة أن الهجرة لم تكن نوعًا من الكسل عن الدعوة في مكة، أو "الزهق" من الدعوة في مكة.. أبدًا.. الدعوة في مكة من أول يوم وهي صعبة، ولكن ما ترك المسلمون بكاملهم البلد إلا بعد أن أُغلقت تمامًا أبواب الدعوة.. أما إذا كانت السبل للدعوة مفتوحة -ولو بصعوبة- فالأولى البقاء لسد الثغرة التي وضعك الله تعالى عليها.

بهذه الهجرة الناجحة تمت مرحلة مهمة -بل مهمة جدًّا- من مراحل السيرة النبوية، وهي المرحلة المكية.. لقد تمت هذه المرحلة بكل أحداثها وآلامها ومشاكلها.

========================================================

غزوة بدر :

سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقافلة قريش قد أقبلت من الشام إلى مكة ، وقد كان يقودها أبا سفيان بن حرب مع رجال لا يزيدون عن الأربعين . وقد أراد الرسول عليه الصلاة والسلام الهجوم على القافلة والاستيلاء عليها ردا لما فعله المشركون عندما هاجر المسلمون إلى المدينة ، وقال لأصحابه : " هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها " .
كان ذلك في الثالث من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة ، وقد بلغ عدد المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، ومعهم فرسان وسبعون بعيرا . وترك الرسول عليه الصلاة والسلام عبد الله بن أم مكتوم واليا على المدينة . لما علم أبو سفيان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى أهل مكة يطلب نجدتهم . ولم وصل ضمضم إلى أهل قريش صرخ فيهم قائلا : " يا معشر قريش ، أموالكم مع أبي سفيان عرض لها محمدا وأصحابه لا أرى أن تدركوها " . فثار المشركون ثورة عنيفة ، وتجهزوا بتسعمائة وخمسين رجلا معهم مائة فرس ، وسبعمائة بعير .

إنها ساعة الصفر، الجيشان أمام بعضهما.

قام رجل من المشركين اسمه الأسود بن عبد الأسد المخزومي، وأقسم أن يشرب من حوض المسلمين أو ليموتَنَّ دونه.

انظر كيف يمكن أن يكون حجم الضلال، كفاح وتضحية واستعداد للموت من أجل قضية فاسدة {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا} [فاطر: 8].

وقام الرجل ليبرَّ بقسمه، لكن قابله الأسد حمزة بن عبد المطلب وضربه ضربة قطعت ساقه، ومع ذلك -سبحان الله- فقد كان الرجل مصرًّا على الوفاء بقسمه، وزحف على الأرض ليصل إلى ماء بدر، لكن حمزة أدركه وقتله قبل أن يصل إلى مراده.

كانت هذه نقطة مهمة جدًّا لصالح المسلمين، وليس المهم مَن هذا الشخص الذي قتل، ولكن المهم أن هذا حدث في أول دقيقة من المعركة، فكان هذا توفيقًا كبيرًا من رب العالمين، رفع معنويات المسلمين، وأحبط معنويات الكافرين.



تحرك الغيظ في قلوب زعماء الكفر.
فنهض ثلاثة من الزعماء بأنفسهم يطلبون المبارزة مع ثلاثة من المسلمين، وكانت هذه عادة في الحروب القديمة، أن يتبارز أفراد قلائل كنوع من الاستعراض، ثم يبدأ الهجوم العام الشامل بعد ذلك.

من الذي قام من الكفار؟ أمر عجيب.

لقد قام ثلاثة من عائلة واحدة!

قام عتبة بن ربيعة القائد القرشي الكبير، وقام أخوه شيبة بن ربيعة القائد القرشي الكبير أيضًا، وقام ابن أخيه الوليد بن عتبة أحد فرسان قريش المشهورين.

هذه مجموعة من أفضل فرسان مكة.

لكن العجيب الذي يلفت النظر هو قيام عتبة بن ربيعة.

عتبة بن ربيعة كان من الحكماء المعدودين في قريش، وكان من أصحاب الرأي السديد في أمور كثيرة، وكان يدعو قريشًا أن تخلي بين رسول الله وبين العرب، ولا يقاتلوه، وكان يقول إن هذا الرجل ليس بشاعر ولا كاهن ولا ساحر ولا بكاذب، وكان يرفض فكرة القتال في بدر بعد إفلات القافلة، وكان إلى آخر لحظة يجادل المشركين في قضية القتال، لدرجة أن الرسول نظر إليه من بعيد قبل بدء المعركة، وكان عتبة يركب جملاً أحمر، فقال لأصحابه: "إِنْ يَكُنْ فِي أَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ خَيْرٌ، فَعِنْدَ صَاحِبِ الْجَمَلِ الأَحْمَرِ، إِنْ يُطِيعُوهُ يَرْشُدُوا"[1].

لكن القوم لم يطيعوه، وأصرُّوا على القتال.

وللأسف الشديد! دخل عتبة معهم المعركة ولم يرجع كالأخنس بن شريق. وللعجب الشديد، خرج في أول من خرج للمبارزة والقتال.

لقد كان عتبة بن ربيعة مصابًا بمرض الإمَّعِيَّة.

حكيم في الرأي، ولكن يسير مع الناس، إذا أحسنوا أحسن، وإذا أساءوا أساء، ضعيف الشخصية، مهزوز، متردد.

وهذا الذي أَرْداه فأصبح من الخاسرين. وهذا النموذج نراه كثيرًا: أشخاص ذوو رأي سديد، تُعقد عليهم الآمال في تغيير مَن حولهم، ولكنهم يخيبون تلك الآمال، ويسيرون مع التيار؛ فيهلكون.

خرج الفرسان الثلاثة يطلبون القتال، فخرج لهم ثلاثة من شباب الأنصار.

لكن الفرسان المشركين قالوا: لا حاجة لنا بكم، إنما نريد أبناء عمِّنا.

نريد قتالاً قرشيًّا قرشيًّا.

فقال رسول الله :

قم يا عبيدة بن الحارث (عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ابن عمه).

قم يا حمزة (عمه).

قم يا علي بن أبي طالب (ابن عمه).

وانتبهوا لهذا الاختيار، كلهم من الأقربين، مع أن القتال خطير، لكن القائد وعائلته يعيشون حياة الناس تمامًا، ويتعرضون لكل مشاكل الأمة، وفي أوائل المضحين والمجاهدين.

وبدأت المبارزة!

يوجد اختلاف في الروايات حول مَن بارز مَن؟ لكن رواية أحمد وأبي داود تقول: إن علي بن أبي طالب بارز شيبة، وإن حمزة بارز عتبة، وإن عبيدة بن الحارث بارز الوليد بن عتبة[2].

والتقت السيوف، واحتدم الصراع، وارتفعت الآهات، ثم بدأت الدماء تسيل بل تتساقط الأشلاء.

دقائق معدودة وانتهت الجولة الأولى من الصراع، ومرة ثانية لصالح المسلمين.

الله أكبر، ولله الحمد!

علي بن أبي طالب قتل شيبة.

وحمزة بن عبد المطلب قتل عتبة، لم تنفع عتبةَ حكمتُه.

وأصيب عبيدة والوليد بإصابات بالغة، فانطلق عليٌّ وحمزة على الوليد بن عتبة فقتلاه، وحملا عبيدة إلى معسكر المسلمين.

في أول وقود للمعركة أربعة قتلى للمشركين.

واشتعلت أرض بدر بالقتال.

هجوم شامل كاسح في كل المواقع.

صيحات المسلمين ترتفع بشعارهم في ذلك اليوم: أَحَدٌ أَحَد.

صليل السيوف في كل مكان، والغبار غطَّى كل شيء.

الصدام المروع الذي يحدث للمرة الأولى بين المسلمين والكافرين.

التربية بالجنة

ومع كل الحماسة التي كان المسلمون فيها إلا أنهم ما زالوا في حاجة للتشجيع والتحفيز أكثر وأكثر؛ لأن الموقف صعب، بل غاية في الصعوبة، هنا يأتي دور التحفيز بشيء، ليس هناك مؤمن واعٍ فاهم يكسل أو يتعب عندما يسمعه.

جاء وقت التذكير بالجنة.

رفع رسول الله صلى الله عليه و سلم صوته ليُسمِع الجميع: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يُقَاتِلُهُمُ الْيَوْمَ رَجُلٌ، فَيُقْتَلُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ إَلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ"[3].

و كتب الله تعالى النصر للمسلمين في بدر .

مواقف الصحابة في بدر :

عمير بن الحمام رضي الله عنه يقف بجانب الرسول ، والرسول صلى الله عليه و سلم يقول: "قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَواتُ وَالأَرْضُ".
عمير بن الحمام سمع هذه الكلمة، فقال متعجبًا: عرضها السموات والأرض!!

قال صلى الله عليه و سلم : "نَعَمْ".

وعمير بن الحمام يتلقى بمنتهى اليقين، لا جدال، لا محاورة.

قال عمير: بَخٍ بَخٍ (كلمة للتعجب).

قال له صلى اللع عليه و سلم : "مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟"

ممَّ تتعجب؟ أتشك في هذا الكلام؟

أسرع عمير يقول: لا والله يا رسول الله، ما قلتها إلا رجاء أن أكون من أهلها.

قال : "فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا".

كان عمير يمسك بيديه بعض تمرات يتقوَّى بها على القتال.

وبعدها فكَّر.

أيُّ تمرٍ هذا الذي أريد أن آكله؟!

أين ثمار الجنة، وطيور الجنة، وشراب الجنة، وحوض الرسول صىلى الله عليه و سلم في الجنة؟

فألقى بالتمرات على الأرض، وقال كلمة عجيبة؛ قال:" لئن أنا حييتُ حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة "

ألقى بنفسه وسط الجموع الكافرة.

استشهد و دخل الجنة

أليس هذا كلام الرسول "لاَ يُقَاتِلُهُمُ الْيَوْمَ رَجُلٌ؛ فَيُقْتَلُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ"؟!

ثم إنه قالها تصريحًا لعمير بن الحمام، قال: "فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا".

أهل الدنيا، طلاب الدنيا يظنون أن عميرًا خسر، مات في عزِّ شبابه كما يقولون، لم يستمتع بحياته، لكن المقاييس الصحيحة ليست هكذا.


موقف سعد بن خيثمة وأبوه خيثمة

- قبل الخروج إلى بدر سعد بن خيثمة وأبوه خيثمة.

الاثنان يريدان أن يخرجا للجهاد في بدر، لكن عندهما بنات كثيرات، ولا بد أن يخرج أحدهما، بينما يبقى الآخر ليرعى البنات.

الاثنان يريدان أن يخرجا، الاثنان طالبان للجنة بصدق، لم يرضَ أحدهما بالتنازل، فقررا إجراء قرعة، فخرج سهم الابن سعد بن خيثمة، تحسَّر أبوه، تحسر حسرة حقيقية، فقال لابنه برجاء: يا بُنيَّ، آثرني اليوم. دعني أخرج، فَضّلني على نفسك، أنا أبوك.
لكن سعدًا رد على ابيه بأدب و قال في أدب: يا أبتِ، لو كان غير الجنة لفعلت .

موقف أم حارث بن سراقة

أم حارثة بن سراقة استشهد ابنها حارثة في بدر، شاب صغير مات مقتولاً في مثل هذا الموقف، تطيش عقول، وتضطرب أفئدة، ويتزلزل رجال ونساء.

لكن أم حارثة جاءت تسأل عن شيءٍ محدَّد.

يا رسول الله، قد عرفت منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى تَرَ ما أصنع.

أهمُّ أمرٍ بعد الموت: جنة أم نار؟ هذا هو المفروض أن يشغلنا.

فقال لها رسول الله :

"يَا أُمَّ حَارِثَةَ، إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الأَعْلَى" .


غزوة أحد :

بعد أن انتصر المسلمون انتصارا كبيرا في معركة بدر على المشركين وأوقعوا فيهم الكثير من القتلى، عاد من بقي من الكفار إلى مكة حين كانت مكة تحت سلطة المشركين يجرون وراءهم أذيال الخيبة، ووجدوا أن قافلة أبي سفيان قد رجعت بأمان، فاتفقوا فيما بينهم أن يبيعوا بضائعها والربح الذي سيجنونه يجهزوا به جيشا لمقاتلة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأخذ الثأر لمقتل ءابائهم وإخوتهم وأبنائهم الذين حاربوا النبي عليه السلام والصحابة، وأرادوا القضاء على الإسلام في بدر.

اجتمعت قريش لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرسلت مبعوثين إلى بعض القبائل الحليفة طلبا للمقاتلين، فاجتمع ثلاثة ءالاف مشرك مع دروعهم وأسلحتهم، وكان معهم مائتا فرس وخمس عشرة ناقة عليها ركب الهوادج وهي البيوت الصغيرة التي توضع على ظهور الجمال وجلست فيهن بعض النساء المشركات ليشجعن المشركين على القتال، وتذكيرهم بالهزيمة في بدر.

وفي أثناء استعداداتهم طلب أبو سفيان من العباس بن عبد المطلب عم رسول الله الخروج معه لقتال المسلمين ولكنه لم يقبل بذلك، وأرسل العباس سرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحذره من الخطر المحدق، فوصل الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إني قد رأيت والله خيرا - أي في المنام – رأيت بقرا تذبح، ورأيت في ذباب سيفي (حد سيفي) ثلما (كسرا) ورأيت إني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة"، وكان معنى هذا المنام الذي رءاه الرسول صلى الله عليه وسلم أن البقر ناس يقتلون، وأما الثلم في السيف فهو رجل من أهل بيت النبي يقتل.

خرج كفار قريش بجيشهم حتى وصلوا إلى ضواحي المدينة المنورة قرب جبل أحد حيث كان النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم قد صلى صلاة الجمعة بالناس وحثهم على الجهاد والثبات، وخرج بسبعمائة مقاتل شجاع من الصحابة الكرام بعد أن رجع بعض المنافقين خوفا من القتال.

وكانت خطة الحرب التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل المدينة المنورة في وجهه ويضع خلفه جبل أحد وحمى ظهره بخمسين من الرماة المهرة صعدوا على هضبة عالية مشرفة على أرض المعركة، وجعل قائدهم صحابيا كريما هو عبد الله بن جبير وأمرهم النبي أن يبقوا في أماكنهم وأن لا يتركوها حتى يأذن لهم وقال لهم: "ادفعوا الخيل عنا بالنبال" وقسم الحبيب المصطفى جيش المسلمين إلى عدة أقسام، جعل قائدا لكل منها وتسلم هو قيادة المقدمة.

وبدأت المعركة فأقبل المشركون فاستقبلتهم سيوف المسلمين البتارة بقوة، وكان بين الصحابة رجل شجاع مشهود له بالثبات في وجوه الكفار اسمة أبو دجانة، سلمه النبي صلى الله عليه وسلم سيفا فأخذه وربط على رأسه قطعة حمراء علامة القتال، ثم شهر سيفه لا يقف شئ أمامه إلا حطمه وأوقعه أرضا، وكان رجل من المشركين لا يدع جريحا مسلما إلا قتله، فلحق به أبو دجانة ليريح الناس من شره، حتى التقيا فضرب المشرك أبا دجانة ضربة تلقاها الأخير بكل عزم وثبات ثم بادله بضربة قوية من سيفه فقتله.

واقتتل الناس قتالا شديدا وفعل الرماة المسلمون فعلتهم، إذ كانوا من أحد أسباب تراجع الكفار وفرارهم، وكانت الهزيمة على المشركين. ولكن حصلت حادثة أليمة غيرت من مسار نهاية المعركة، إذ إن الرماة الذين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بحماية ظهور المسلمين وعدم ترك أماكنهم حتى يأذن لهم، ترك الكثير منهم مكانه ظنا أن المعركة حسم أمرها وأنه لم يبق أثر للمشركين، ونزلوا ليأخذوا من الغنائم، وبقي أقل من عشرة رماة أبوا أن يلحقوا بهم وقالوا: "نطيع رسول الله ونثبت مكاننا"، فنظر خالد بن الوليد وكان ما زال مشركا إلى من بقي من الرماة فتوجه بمجموعة من المشركين، وتسللوا ففاجأوا الرماة القليلين من الخلف وقتلوهم بما فيهم قائدهم عبد الله بن جبير.

عندها تعالت صيحات المشركين وفوجئ المسلمون بأنهم قد أصبحوا محاصرين، فقتل من قتل منهم واشتد الأمر عليهم، عندها عاد من هرب من المشركين وهجموا على المسلمين هجمة شرسة، ورفعوا عن الأرض رايتهم المتسخة.

وكان عدد من الكفار قد اتفقوا فيما بينهم على مهاجمة النبي دفعة واحدة فاستغلوا فرصة ابتعاد بعض الصحابة عن النبي أثناء المعركة وانقضوا عليه، فمنهم من ضربه بالسيف فأصاب جبهته الشريفة، ومنهم من رماه بحجارة فكسرت رباعيتة اليمنى وهي أحد أسنانه الأمامية، وشقت شفته الشريفة، وهجم ءاخر فجرح وجنة النبي أي أعلى خده الشريف بالسيف ورفعه فرده النبي ولكنه سقط فجرحت ركبته الشريفة وسال دمه على الأرض، وأقبل مشرك اسمه أبي بن خلف حاملا حربته ووجهها إلى رسول الله فاخذها النبي منه وقتله بها.

ولما جرح النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، صار الدم يسيل على وجهه الشريف وأقبل لحمايته خمسة من الأنصار، فقتلوا جميعا وركض أبو دجانة وجعل من ظهره ترسا لرسول الله فكانت السهام تنال عليه وهو منحن يحمي ببدنه وروحه أعظم الكائنات سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم.
وازدادت المصائب إذ قد جاء عبد حبشي مشرك ماهر بالرماية اسمه وحشي أمرته سيدته بقتل سيدنا حمزة انتقاما لمقتل ابيها و وعدته بأن تجعله حرا إن قتله، وبقي طيلة المعركة يتحين الفرصة حتى وجد نفسه وجها لوجه أمامه، فرفع حربته وهزها ثم رماها فاخترقت جسد سيدنا حمزة رضي الله عنه الذي وقع شهيدا في سبيل الله.

وانتهت المعركة بانسحاب المشركين الذين ظنوا أنهم انتصروا، ولا يقال إن رسول الله خسر بل إن الذين خالفوا أوامره خابوا وسببوا الخسارة لأنفسهم
ودفن المسلمون شهداءهم في أحد حيث استشهدوا .

========================================================

فتح مكة :

لما كان من بنود صلح الحديبية أن من أراد الدخول في حلف المسلمين دخل ، ومن أراد الدخول في حلف قريش دخل ، دخلت خزاعة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ودخلت بنو بكر في عهد قريش ، وقد كانت بين القبيلتين حروب وثارات قديمة ، فأراد بنو بكر أن يصيبوا من خزاعة الثأر القديم ، فأغاروا عليها ليلاً ، فاقتتلوا ، وأصابوا منهم ، وأعانت قريش بني بكر بالسلاح والرجال ، فأسرع عمرو بن سالم الخزاعي إلى المدينة ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بغدر قريش وحلفائها .

وأرادت قريش تفادي الأمر ، فأرسلت أبا سفيان إلى المدينة لتجديد الصلح مع المسلمين ، ولكن دون جدوى ؛ حيث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بالتهئ والاستعداد ، وأعلمهم أنه سائر إلى مكة ، كما أمر بكتم الأمر عن قريش من أجل مباغتتها في دارها .

وفي رمضان من السنة الثامنة للهجرة غادر الجيش الإسلامي المدينة إلى مكة ، في عشرة آلاف من الصحابة بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن استخلف على المدينة أبا ذر الغفاري رضي الله عنه .
ولما كان بالجحفة لقيه عمه العباس بن عبدالمطلب ، وكان قد خرج بأهله وعياله مسلماً مهاجراً .
وركب العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء ، يبحث عن أحد يبلغ قريشاً لكي تطلب الأمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل مكة .

وكان أبو سفيان ممن يخرج يتجسس الأخبار ، فوجده العباس ، فنصحه بأن يأتي معه ليطلب له الأمان من رسول الله ، فجاء به راكباً معه ، حتى أدخله على رسول الله ، فقال له الرسول : ( ويحك يا أبا سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟ ....ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله) ، فقال العباس : ويحك أسلم ، فأسلم وشهد شهادة الحق ، ثم أكرمه الرسول فقال : (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن) رواه مسلم .

ولما تحرك الجيش لدخول مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي ،حتى تمر به جنود الله فيراها ، فمرّت القبائل على أبي سفيان ، و العباس يخبره بها ، حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء ، فيها المهاجرون والأنصار ، فقال أبو سفيان : سبحان الله ؟ ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة . ثم أسرع إلى قومه ، وصرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش ، هذا محمد ، قد جاءكم فيما لا قبل لكم به ، فتفرق الناس إلى دورهم ، وإلى المسجد .
ودخل رسول الله مكة متواضعاً لله الذي أكرمه بالفتح ، وكان قد وزع جيشه إلى مجموعات ، أو كتائب احتياطاً لأي مواجهة .

ودخل الجيش الإسلامي كل حسب موضعه ومهامه ، وانهزم من أراد المقاومة من قريش ، ولم يستطع الصمود أمام القوى المؤمنة ، ثم دخل رسول الله المسجد الحرام والصحابة معه ، فأقبل إلى الحجر الأسود ، فاستلمه ، وكان حول البيت ثلاثمائة وستون صنماً ، فجعل يطعنها بقوس في يده ، ويكسرها ، ويقول : { جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقاً} ( الإسراء :81 ) ، { قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد} (سبأ : 49) ، والأصنام تتساقط على وجوهها ، ثم طاف بالبيت .

ثم دعا عثمان بن طلحة ، فأخذ منه مفتاح الكعبة ، فأمر بها ففتحت ، فدخلها فرأى فيها الصور فمحاها ، وصلى بها .

وأعاد المفتاح ل عثمان بن طلحة ، ثم أمر بلالاً أن يصعد الكعبة فيؤذن ، وأهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ دماء تسعة نفر من أكابر المجرمين ، وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة .

وفي اليوم الثاني قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وألقى خطبته المشهورة ، وفيها :
( إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض ، فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة ،لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ، ولم تحلل لي قط إلا ساعة من الدهر ، لا ينفر صيدها ، ولا يعضد شوكها ، ولا يختلى خلاها ، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد) رواه البخاري .
وخاف الأنصار بعد الفتح من إقامة الرسول بمكة ، فقال لهم : ( معاذ الله ، المحيا محياكم ، والممات مماتكم ) رواه مسلم .
ثم بايع الرجال والنساء من أهل مكة على السمع والطاعة ، وأقام بمكة تسعة عشر يوماً ، يجدد معالم الإسلام ، ويرشد الناس إلى الهدى ، ويكسر الأصنام .
وبهذا الفتح حصل خير كثير ، فبه أعز الله الإسلام وأهله ، ودحر الكفر وأصحابه ، وبه استنقذ مكة المكرمة ، والبيت العتيق من أيدي الكفار والمشركين ، وبه دخل الناس في دين الله أفواجاً ، وأشرقت الأرض بنور الهداية ، وهكذا يفعل الإسلام في أتباعه، ومع أعدائه ، فهو دين الرحمة ، فهل يوجد دين يماثله ، في قيمه ومبادئه وتعاليمه في السلم والحرب ، إن الإسلام هو دين الإنسانية جمعاء ، وهي تحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى .

========================================================

غزوة تبوك :

بعد فتح مكة وانتصار حُنين دانت قبائل عربية كثيرة للمسلمين، وأصبحت الجزيرة العربية دولة إسلامية لها وضعها وكيانها، ولا شك أن ذلك لفت أنظار الدولة الرومانية العظمى التي تقع في شمال الجزيرة العربية

كان يتوقع الرسول صلى الله عليه و سلم الصدام مع الروم وكان يخبر به أصحابه، بدليل أن عمر بن الخطاب حين جاءه جاره يخبره أن النبي آلَ من نسائه، طرق عليه طرقًا شديدًا، ففزع عمر وقال له: أجاءت غسان؟

فكان إحساس عمر بن الخطاب هو أن قدوم غسان لغزو المدينة المنورة أمر متوقع، بل قريب الحدوث.

فلا شك أن الرسول كان قد أعدّ الناس لهذا الاحتمال، الأمر الذي جعل الجميع يتوقع حرب قوية مع الدولة الرومانية في الفترة القادمة.

كان قرار الحب عسير بمعنى الكلمة، ولسنا نحن الذين نقيِّم هذا القرار بأنه عسير، بل قال ذلك رب العالمين: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 117].

و(تَبُوك) موضع بين وادي القرى والشام، بينه وبين المدينة من جهة الشام أربع عشرة مرحلة، وبينه وبين دمشق إحدى عشرة مرحلة، وكانت هذه الغزوة في (رجب سنة تسع من الهجرة/ سبتمبر- أكتوبر سنة 630م)، وهي آخر غزواته .

وقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قَلّمَا يخرج في غزوة إلا كَنّى عنها إلا ما كان من غزوة تبوك، فإنه بَيَّنها للناس وأمرهم بالجهاز وأخبرهم أنه يريد الروم.

لقد تغلب المؤمنون على أزمات كثيرة كانت كل أزمة منها كفيلة بتثبيط الجيش عن الخروج، ولكنهم بإيمانهم نجحوا بينما فشل المنافقون، وبذلك خرج الجيش المسلم طاهرًا من النفاق، خاليًا من الفساد، ومن كانت هذه حاله فالنصر حليفه إن شاء الله.

جيش العسرة

وإذا أردنا توضيحًا مفصلاً لأسباب هذه العُسْرة، فنستطيع أن نذكر أهم الملابسات والأسباب التي من أجلها كان اسم: "جيش العُسْرة" و"ساعة العُسْرة"، فهي ما يلي:

1- الجَهد وقلة الزاد:

فقد تزامنت أحداث هذه الغزوة مع جدب وقحط في البلاد، وكانت الثمار لم تنضج بعدُ، الأمر الذي يجعل من تجهيز الجيش، وإعداد نفقة تكفيه للسفر البعيد، وتجهيز العدة الحربية لملاقاة أكبر قوة آنذاك أمرًا في غاية الصعوبة، وقد قال مجاهد في تفسير (العُسْرة): أصابهم جهد شديد، حتى إن الرجلين ليشقان التمرة بينهما، وإنهم ليمصون التمرة الواحدة ويشربون عليها الماء.

وقال قتادة: خرجوا على ما يعلم الله من الجهد أصابهم فيها جهد شديد، حتى لقد ذُكِر لنا أن الرجلين كانا يشقان التمرة بينهما، وكان النفر يتناولون التمرة بينهم، يمصها هذا ثم يشرب عليها، ثم يمصها هذا ثم يشرب عليها .

وقال الحسن: كان زادهم التمر المتسوس، والشعير المتغير، والإهالة المنتنة، وكان النفر يخرجون ما معهم إلا التمرات، فإذا بلغ الجوع من أحدهم أخذ التمرة، فلاكها حتى يجد طعمها، ثم يعطيها صاحبه، حتى يشرب عليها جرعة من ماء، كذلك حتى تأتي على آخرهم، فلا يبقى من التمرة إلا النواة[2].

كل ذلك يعني أن المسلمين قبل الغزوة كانوا أكثر من أن يوصفوا بأنهم (تحت خط الفقر)، وكان يجب عليهم الخروج سمعًا وطاعة، ومن ثَمَّ تجهيز الجيش الذي لا يقل تعداده عن ثلاثين ألف مقاتل.

2- شدة الحر:

الله قدّر أن تكون الأحوال المناخية أيضًا في غير صالح المسلمين، فبالإضافة إلى الجَهد وقلة الزاد؛ كان الحر الشديد والصحراء القاتلة، وكان لا بد لهم أن يتقووا على هذا الحر ولو بالماء، ذلك أيضا الذي لم يكن متوافرًا معهم، فيُروى عن ابن عباس t أنه قيل لعمر بن الخطاب t في شأن العُسْرة فقال: خرجنا مع رسول الله إلى تبوك في قيظ شديد، فنزلنا منزلاً أصابنا فيه عطش، حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى إن كان الرجل ليذهب يلتمس الماء، فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع، حتى إن الرجل لينحر بعيره، فيعصر فرثه فيشربه، ويجعل ما بقي على كبده

- العدو الكاسر:

إضافةً إلى العامليْن السابقيْن لم يكن المسلمون خارجين لمقاتلة قبيلة، أو دولة ضعيفة، أو حتى دولة محدودة العدد والعدة، بل كانت الروم وما أدراك ما الروم آنذاك، إنها أكبر قوة على الساحة، إنها الدولة التي "تبسط سلطانها على جملة قارات، إنها الدولة التي تملك موارد ثَرَّة من الرجال والأموال" .

الدعاية الكاذبة من المنافقين:

ذلك الداء العضال، وذاك الثعبان الأسود الأملس الذي ينفس سمومه في الظلام ومن وراء الحجب، وهذا السبب من أشد وأقوى الأسباب التي عملت في نفوس المسلمين، كيف لا وقد قال الله : {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة: 47]. فلم يكن تأثيرهم قاصرًا عليهم وحدهم، بل امتد ليطول كثيرًا من المسلمين من أصحاب النفوس الضعيفة والمريضة، وبالفعل كان هناك سماعون لهم فبخلوا وضنوا، وكان منهم من تخلف عن الخروج بالمرة.

ولقد كان لهم دعايتهم الخاصة بهم، فنرى القرآن الكريم يحكي عنهم قولهم: {وَجَاءَ المُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 90]. فكانت اعتذاراتهم واهية غير صادقة: {سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 95، 96].

الدعوة إلى الجهاد :

كيف كانت الدعوة إلى مثل هذا الامتحان الصعب؟ الرسول يريد أن يحقق هدفين رئيسيين من هذا الامتحان:

أولاً: مساعدة المؤمنين على النجاح في هذا الاختبار، وتقليل نسبة التخلف قدر المستطاع، وإعانة المؤمنين على شياطينهم.

ثانيًا: كشف أوراق المنافقين، ومعرفتهم بكاملهم.

ولتحقيق هاتين الغايتين قرر الرسول القيام بعمل يحقق المصلحتين، وهو فتح باب الجهاد عَلانيَةً، ودعوة الجميع للجهاد في سبيل الله بالمال والنفس.

وحدث ما توقعه الرسول ، وتمايز الصف تمايزًا واضحًا، وهذا ما يحدث دائمًا عند الأزمات الخطيرة التي تمر بالأمة، فالمؤمن سيتحمس للجهاد برؤية أقرانه يجاهدون، والمنافق سيضطر للاعتذار عن الجهاد علنًا، لعدم قدرته على الإنفاق أو الجهاد بالنفس.

النصر :

وأما الرومان وحلفاؤهم فلما سمعوا بزحف رسول اللَّه أخذهم الرعب فلم يجترئوا على التقدم واللقاء، بل تفرقوا في البلاد في داخل حدودهم، فكان لذلك أحسن أثر بالنسبة إلى سمعة المسلمين العسكرية، في داخل الجزيرة وأرجائها النائية. وحصل بذلك المسلمون على مكاسب سياسية كبيرة وخطيرة.

استقر هرقل، بهدف استدراج القوات الإسلامية إلى الداخل والانقضاض عليها، ولكنَّ الرسول أفشل مخططهم وعسكر في تبوك ,وجعلها آخر نقطة في توغله شمالاً، وراح يُراقب تحرّكات الروم.

أخذ الرسول يتصل بالقبائل العربية المتنصرة المجاورة ويعقد معهم معاهدات الصلح والتعاون، وكان من هؤلاء يوحنا بن رؤبة صاحب أيلة الذي صالح الرسول ووافق على منحه

رجع المسلمون من تبوك مظفرين منصورين، لم ينالوا كيداً، وكفى اللَّه المؤمنين القتال.



عدل سابقا من قبل Wenyuan في الجمعة 21 أكتوبر 2011, 11:06 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://3yalal5tim.ahlamontada.com/
The Philosopher
Duke
Duke
The Philosopher


ذكر عدد الرسائل : 2288
العمر : 29
الدولة : UAE
أفضل مملكة : Wei
تاريخ التسجيل : 23/10/2009

المحاضرة الاولى : الهجرة النبوية - غزوة بدر - غزوة أحد - غزوة تبوك - فتح مكة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المحاضرة الاولى : الهجرة النبوية - غزوة بدر - غزوة أحد - غزوة تبوك - فتح مكة    المحاضرة الاولى : الهجرة النبوية - غزوة بدر - غزوة أحد - غزوة تبوك - فتح مكة  Icon_minitimeالجمعة 21 أكتوبر 2011, 7:48 pm

الموضوع مفتوح حتى يوم الاربعاء للاستفسارات و الاسئلة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://3yalal5tim.ahlamontada.com/
 
المحاضرة الاولى : الهجرة النبوية - غزوة بدر - غزوة أحد - غزوة تبوك - فتح مكة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» محاضرة الدورة الثانية : حياة النبي قبل البعثة النبوية
» المحاضرة الثانية : وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم - خلافة ابي بكر الصديق رضي الله عنه و حروب الردة - خلافة عمر بن الخطاب
» الاحاديث النبوية
» برنامج عضو في الطاولة - الحلقة الاولى
» فلم انمي عن الممالك الثلاث مترجم الحلقة الاولى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أسرار الممالك الثلاث :: الرئيسية :: سلة مهملات المنتدى-
انتقل الى: