مقدمة :
كان أجدادنا المسلمون المجاهدون و الفاتحون أناس اعزهم الله بالاسلام ففتح لهم العالم القديم و اصبحوا اقوى حضارة في عصرهم , فتحوا شبة الجزيرة العربية و الشام و مصر و العراق و فارس
و وصلوا الى عمق اوروبا فبلغوا حدودا مع دولة النمسا و حدودا مع فرنسا عندما كنا نملك الفردوس المفقود " الاندلس " .
نروي هنا احداث فتح بلاد الاناضول او ما يعرف في يومنا بـ " تركيا " التي فتحت على ايدي الاتراك المسلمون الذي اعزهم الله تعالى بالاسلام فعزوا به و علا شأنهم في بلاد المسلمين و اصبحوا
يجاهدوا لصون الثغور ضد الغارات الصليبية .
الفتح الاسلامي للأناضول " آسيا الصغرى "
كانت بعض الاقوام التركية قد غزت الاناضول قبل الاسلام , فقد جاب الجنود الاتراك الذين دخلوا في خدمة الخليفة العباسي بعد اسلامهم بخيولهم سفوح جبال طوروس و سواحل الفرات عصورا طويلة لحساب بغداد .
و في هذه الفترة كانت الاناضول جزء من الاراضي البيزنطية او ما عرف بـ " روما الشرقية " .
تمكن العرب قديما من فتح جنوب شرقي الاناضول فقط و استطاعوا دعوة اهلها الدين الاسلامي , لكن لم يتسنى لهم القضاء على قوة البيزنط في تلك المنطقة .
اخذت فيما بعد السلالات العربية الحاكمة الصغيرة تتولى مهمة الغزو و الجهاد ضد البيزنط و الدفاع عن الحدود الاسلامية في الاناضول و هذا بعد ان ضعفت الدولة العباسية و فقد الخليفة سلطانه في بغداد .
و قد اهمل الهدف الذي كان قائما و هو جعل الاناضول ارض اسلامية و الانتصار على البيزنط , و الحقيقة ان ازدياد
القوة العسكرية للبيزنطيه على ايام السلالة المقدونية و حملات الجيش البيزنطي المؤثرة على اعماق سوريا , جعل تحقيق هذا الهدف غير ممكن .
و تؤكد الحقائق التاريخية بأن اول من فكر في فتح الاناضول هم السلاجقة .
في عام 1015 للميلاد , اجرى سلجوق بك اول حملة على البيزنط لفتح الاناضول الشرقية و في هذه الحمله هزم سلجوق بك الجيش البيزنطي في حرب " باسينلر " الميدانية قرب ارضروم , و اسر القائد العام للبيزنط " ليبارتي " و 100 الف بيزنطي و هذا عام 1049 للميلاد , و قد ارسل الامبراطور البيزنطي فدية لاسترجاع الاسرى الا ان الخاقان الاكبر ارطغرل بك ( و هو اخو جغري بك و عم قتالمش بك ) لاعادة ليبارتي الا ان ارطغرل بك رفض و اعاد الفدية و طلب
اعادة فتح المسجد الذي اغلق في القسطنطينية لعبادة المسلمين المقيمين فيها , و قد تم بالفعل ذلك و فتح الجامع و تلى فيه اسم ارطغرل بك بعد اسم الخليفة العباسي .
سيطر ارطغرل بك على فلعة بايبرت و وقف اما قلعة ملازغرت لكنه لم يستطع اسقاطها فعاد بعد تجواله حول محيط
بحيرة وان .
قام ملوك السلاجقة و أمراء الاتراك بترتيب غزوات على الاناضول في كل سنة تقريبا و أخذوا يتقدمون في غزواتهم نحو الغرب .
كان هذا الوضع عند وفاة ارطغرل بك في 1063 للميلاد و مجيء خلفه ابن اخيه السلطان الب ارسلان بن جغري بك .
اخذ أفشين بك احد امراء السلاجقة , قيصري بعد هزم الجيوش البيرزنطية في 1066 للميلاد في حصن منصور ( آدي يامان ) و في السنة التالية قرب ملاطية دخل بك أفيشن بك التابع لأمر سليمان شاه بن قتالمش بك الموجود في آذربيجان الى قونية في 1069 للميلاد و في السنة التالية قرب نهر قيزل ايايرمق استطاع هزيمة الامير مانؤيل كومنيوس تقدم الى دنيزلى و ادخل وحداته الطليعية بحر ايجه و مرمرة .
و بعد هذه الغزوات التي كسرت قدرة البيزنط الدفاعية من الناحيتين الاقتصادية و العسكرية , ارسلافيشن بك تقريره حول مواتاه لفتح الاناضول الى قائد سلجوق اوغلو سليمان و الى السلطان ألب ارسلان .
دخل الب ارسلان في صيف 1070 للميلاد و أخذ مدينة ملاذكرد .
انتقل من ملاذكرد الى عامد ( دياربكر ) و بقى هناك مدة في المدينة التي يحبها كثيرا .
ورغم جهوده التي دامت مدة 50 عاما , لم يتمكن من اسقاط قلعة اورفة البيزنطية , فجاء الى حلب و استراح فيها و صمم ان يعاود الكره في السنة القادمة .
موقعة ملاذكرد ( 1071م )
تقابل السلطان ألب ارسلان و جيشه البالغ 50 الف جندي مع جيش امبراطور الدولة البيزنطية رومانوس البالغ عدده 200 الف جندي أمام قلعة ملاذكرد صباح يوم الجمعة .
أباد ألب ارسلان الجيش البيزنطي و أسر الامبراطور رومانوس .
من بين اسباب انتصار الاتراك المسلمون , تشكل الجيش البيزنطي من عناصر متعددة لا يعرف احد منه لغة الاخر
و كان من بين هذا الجيش جنود اتراك كالـ جبنك و الاوز التي لم تدخل الاسلام بعد لكنهم انضموا الى صفوف السلاجقة
قبل بدء المعركة بمدة و جيزة , كما ان مشاة البيزنط لم تدرك قصد مناورات الخيالة التركية و الوحدات التركية التي استهدفت غش العدو .
امر السلطان ألب ارسلان ابن اخيه قتالمش بفتح الاناضول بعد موقعة ملاذكرد .
تعد ملاذكرد احدى الحوادث الأم في التاريخ التي اسفرت عنها تحول الاناضول الى أراضي اسلامية كما تعد كذلك احدى الحوادث السياسية في تأسيس دولة للأتراك و تكوين الحملات الصليبية .
فتح الاناضول ( 1074 للميلاد )
فتح الغازي سليمان الاناضول بسرعة . جاء الى اسكدار و الى الضفة الناضولية من البوغاز و استشرف قبة اياصوفيا .
ارسل السلطان ملكشاه بن ألب ارسلان الذي اعتلى العرش بعد والده في نهاية عام 1074 للميلاد الى سليمان منشور سلطنة الاناضول .
تأسست الدولة التركية و كانت مدينة العرش ( اي مقر السلطان ) مدينة ازنك القريبة جدا الى بحر مرمرة .
أخذ السلطان سليمان مخرج البيزنط الى اوروبا تقريبا , فاتح الاناضول , باني الدولة التركية الاسلامية و سلطانها الاول .
جاء مئات الآلآف من الاتراك اليها , من الشرق استوطنوا الاناضول مبتدئين بالمدن اولا , مات السلطان سليمان سنة 1087 للميلاد في حرب مع ابن أخيه و هو السلطان قطرش بن ألب ارسلان قرب حلب .
خلفه ابنه الطفل قيليج أرسلان الاول .
يعتبر الأميرال جقا بك في عام 1081 هو المؤسس لأول اسطول تركي في التاريخ .
ذلك ان الاتراك حتى ذلك التاريخ كان يشتهرون لقوة جيوشهم , و لم يهتمون بالبحر .
ألب أرسلان : كلمة تركية تعني الاسد الباسل و هو لقب السلطان أبو شجاع ألب ارسلان محمد بن جفري لك .
المصدر : تاريخ الدولة العثمانية / المؤلف : يلماز أوزتونا