" حصن منيع " أكثر من القسطنطينية يحاوط مدينة تسمى تستر , و حول ذلك السور من الخارج خندق عميق , و بها من المؤن المتجددة ما يكفي لأن تعيش المدينة محاصرة و لا يحدث بها أي اضطرابات , و جيش عرمرم في هذه المدينة من جيوش فارس و لهم قائد قوي البأس و عنيد , و لا يمكن دخولها إلا عن طريق بوابات الحصن ......................
المعركة : فتح حصن تستر
الجيوش :
مملكة الفرس : بقيادة الهرمزان بعدد جيش 150000 رجل .
الدولة الإسلامية : أبو سبرة بن أبي رهم بعدد جيش 30000 رجل .
بعد هزيمة الفرس و تقهقر قواتهم و تم الانسحاب إلى هذا الحصن المنيع لصد جيش المسلمين في هذه المعركة الفاصلة آنذاك و أرسل عمر بن الخطاب جيشاً بقيادة أبو سبرة بن أبي رهم لفتح هذا الحصن الذي يعتبر أقوى الحصون الفارسية بسبب سوره القوي و أيضاً وجود خندقاً عميقاً أمام ذلك السور فلا مجال لاقتحام هذا الحصن عن طريق السور فالوسيلة الوحيدة هي عن طريق البوابات .
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه :
1- مجزأة بن ثور ---- من الصحابة الكبار عرف بالشجاعة و القوة و كان مقاتلاً لا يشق له غبار تولى قيادة ميسرة جيش المسلمين .
2- البراء بن مالك ---- من الصحابة الذين كانوا إذا أقسموا على الله , أبر الله ذلك القسم و هو مقاتل جرئ و في الصفوف الأولى حتى أن عمر بن الخطاب كان يؤكد على أن لا يتولى قيادة جيش بسبب إقدامه على القتال في الصفوف الأولى و تهوره .
3- كعب بن ثور ---- من بنو بكر مثل ( مجزأة بن ثور ) و تولى قضاء البصرة لما عرف عنه بالفطنة في القضاء و أمور الجرب .
أحداث المعركة :
1- من قادة المسلمين ( النعمان بن مقرن ) _ قام النعمان بن مرن بمباغتة جيش الهرمزان قبل أن يصل ذلك الجيش إلى الحصن المنيع و حقق عليه انتصاراً معنوياً بسبب مباغتة النعمان و سرعة حركة جيشه .
2- و يصل جيش الفرس إلى المدينة المنشودة ( تستر ) وتصل الجيوش الإسلامية إلى مدينة تُسْتَر، بينما تختبئ الجيوش الفارسية داخل الحصون، وكما ذكرنا أن مدينة تُسْتَر من أعظم الحصون الفارسية على الإطلاق، ويقال: إنها أقدم مدينة في بلاد فارس، وبها أول سور بُنِيَ على وجه الأرض، وبُنِيَتِ المدينةُ في منطقة عالية وحولها سور ضخم عالٍ، وعلى السور أبراج عالية، وهذه الأبراج لم تكن متوفرة في حصون فارس، وهذه ميزة للفرس فباستطاعتهم رمي المسلمين بالسهام من فوق الأبراج ولا تصل سهام المسلمين إلى أعلى البرج، فكانت هذه في صف الفرس؛ بالإضافة إلى خندق حول المدينة كعادة الفرس، لكن الفارق بينه وبين الخنادق الأخرى أن هذا الخندق مملوءٌ بالماء مما يُصَعِّبُ على المسلمين اجتياز المدينة، وكان سور المدينة من طبقتين وبينهما فراغ والماء حول المدينة من معظم الجهات، وهناك منطقة واحدة لم يكن بها ماء ولكن على رأسها جيش كبير من الفرس، والأسهم تُلْقَى من فوق الأبراج على من يُحَاوِل اجتيازَ هذه المنطقة، فكانت المنطقة في شدة الحصانة، ولها سور ضخم عالٍ يحيط بالمدينة كلها، وبداخل المدينة الزروع والطعام وخارجها نهر بجوارها؛ فأقاموا الشواديف والروافع لرفع الماء من النهر إلى داخل المدينة، وبذلك كانت لديهم قدرة كبيرة على الصبر على حصار المسلمين.
3- وبدأ المسلمون في حصار الفرس، وكان هذا الحصار من أشد أربعة حصارات حاصرها المسلمون، وكعادة الفرس الخروج من داخل الحصن لقتال المسلمين من وقت لآخر ,, استمر حصار المسلمين لهذه المدينة ما يقرب من 18 شهراً عانى فيها الجيش الإسلامي من البرد و الجوع و القتال المستمر مع الفرس و قد خاض حوالي 80 معركة مع الفرس أثناء الحصار و منازلات بين القادة لتحقيق النصر المعنوي لكلا الطرفين و نذكر هنا دور ( مجزأة بن ثور ) حيث خاض جميع هذه المنازلات و انتصر فيها جميعاً حتى أنه قتل 100 قائد فارسي في هذه المنازلات مما أضعف الروح المعنوية كثيراً للفرس لشدة قوة قائد ميسرة جيش المسلمين ........ تذكر المسلمون أن معهم رجلاً قال عنه النبي: "كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ[1] لاَ يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ" والبراء هو الذي أوصى به سيدنا عمر بن الخطاب أن يكون في جيش المسلمين، فذهب المسلمون إلى البراء بن مالك قائلين له: يا براء، ألا ترى ما نحن فيه؟! أَقْسِمْ على ربك. فيقول: أقسمت عليك يا رب أن تمنحنا أكتافهم، وتملكنا رقابهم، وتلحقني بنبيك.
4- شق الحصار كثيراً على المسلمين و شعروا بصعوبة النصر في هذا الحصار و بعد ثمانية عشر شهرًا قطعها المسلمون في حصارهم للفرس في تُسْتَر، وبعد أن طلبوا الدعاء من رجل بشَّره النبي باستجابة الدعاء، وبعد أن فرغ من دعائه سقط سهم بجوار سيدنا أبي موسى الأشعري، وفي هذا السهم رسالة، فقرأ سيدنا أبو موسى الأشعري الرسالة فوجدها من أحد الفُرْسِ داخل الحصن، يطلب الأمان من المسلمين لنفسه ولأمواله على أن يصف للمسلمين طريقًا للدخول إلى تُسْتَر، فذهب سيدنا أبو موسى الأشعري من وقته بالرسالة إلى قائد جيش المسلمين أبي سبرة بن أبي رهم، وتناقش معه في أمر الرسالة؛ فوافق سيدنا أبو سبرة على تأمين هذا الرجل، فكتب له أمانًا في ورقة ووضعها في سهم، ورمى بالسهم في المكان نفسِه الذي جاء منه السهم الفارسي، فسقط السهم بداخل حصن تُسْتَر، ثم يَقْدُم أحد الفرس خفية في الليل يحمل معه ورقة الأمان على نفسه ودمه وأمواله، وقال للأمير: فإني أريد منك رجلاً واحدًا أدلّه على الطريق، وبعد ذلك يعود ليأخذ الجيش.
5- استدعى سيدنا أبو سبرة بن أبي رهم سيدنا مَجْزَأَة بن ثور من صحابة النبي ليستشيره، وكان من الذين أوصى بهم سيدنا عمر بن الخطاب ليكونوا في جيش المسلمين، وقال له: يا مجزأة، من ترى يكون هذا الرجل الذي يتبع هذا الفارسي؟ فقال سيدنا مجزأة: اجعلني ذلك الرجل. فيقول الفارسي: إن الأمر شديد، وإني أريد رجلاً يجيد السباحة. فيقول سيدنا مجزأة: أنا ذلك الرجل. ويضحي سيدنا مجزأة بنفسه ويخوض المجهول مع هذا الفارسي، فيقول له سيدنا أبو سبرة بن أبي رهم: أوصيك أن تعرف الطريق جيدًا وتعود إلينا دون أن تُحْدِث أمرًا ( مما يعني ألا يقتل أحداً داخل الحصن أو يتم معرفة أن هناك من دخل الحصن ) . وهذا أمر من سيدنا أبي سبرة بن أبي رُهْم قائد المسلمين إلى سيدنا مجزأة الجندي في جيش المسلمين .
6- يحفظ سيدنا مجزأة الوصية جيدًا، ويذهب مع الفارسي في منطقة من الخندق ثم يتجه الفارسي إلى المنطقة التي بها مياه، ويسبح في الماء فيسبح وراءه سيدنا مجزأة بن ثور، ثم يغطس تحت الماء فيغطس وراءه، فيجد نفسه قد دخل في نفق داخل السور الكبير الذي يحيط بمدينة تُسْتَر فيدخل في هذا النفق، وكان نفقًا شديد الصعوبة، فتارة يضيق فيعبره سيدنا مجزأة بمنتهى الصعوبة، وتارة يتسع ويتشعب، وتارة يكون سقف النفق منخفضًا فإذا أراد العبور لا بد من الغطس تحت الماء، ويختفي تمامًا حتى يعبر المنطقة التي بعدها فيرتفع مرة أخرى فوق سطح الماء، وكان هذا النفق شديد الصعوبة شديد الظلمة، ووصل سيدنا مَجْزَأَة إلى باب النفق الذي يؤدي إلى مدينة تُسْتَر بعد مغامرة قضاها مع الفارسي وسط نفق من الماء شديد الظلام وشديد الصعوبة، فيذهب الفارسي ويحضر لباسًا فارسيًّا، ويلبسه سيدَنا مجزأة بن ثور ويدخل به إلى المدينة، وبمجرد دخول سيدنا مجزأة بن ثور المدينة بدأ يتفقدها، فتفقَّد باب الحصن الرئيسي، وتفقد الحصن الكبير أو القصر الكبير بداخل تُسْتَر الذي فيه الهرمزان، وتفقد المناطق الرئيسية المؤدية إلى مداخل المدينة، وفي أثناء هذا التفقد يرى رجلاً نازلاً من القصر ليلاً بخُيَلاء وعظمة عليه تاجه ويلبس ذهبه، وعرف سيدنا مجزأة أنه الهرمزان، فيقول سيدنا مجزأة: واللهِ إني أعلم أني لو أطلقتُ عليه سهمًا ما أخطأته، ولكني أذكر وصية أبي سبرة بن أبي رهم "لا تحدث أمرًا"؛ فأعيد سهمي في جَعبتي طاعةً لأمير الجيش.
7- يعود أدراجه مرة أخرى إلى النفق، ويترك الفارسي داخل المدينة، ويعود إلى سيدنا أبي سبرة بن أبي رهم ويخبره بإتمام أمره، قائلاً له: انتخب لي بعض المسلمين حتى أفتح لك الأبواب. ولم يرضَ سيدنا أبو سبرة أن يكلف الناس بهذا الأمر الشاقِّ؛ ففتح للناس باب التطوع لعبور النفق بشرط أن يكونوا ممن يجيدون السباحة، فتطوع 300 رجل من أفضل رجال المسلمين آنذاك و عين ( مجزأة بن ثور قائداً عليهم )
8- وتتقدم هذه الفرقة لتدخل مدينة تُسْتَر، ويوصيهم سيدنا أبو سبرة بن أبي رهم: "إذا التقيتم مع عدوكم فتذكروا الله، وافتحوا لنا الأبواب، وعلامتنا التكبير". فيدخل الثلاثمائة إلى النهر بعد منتصف الليل بساعة أو ساعتين، وقبل الفجر بثلاث ساعات، وتقدم سيدنا مجزأة المسلمين وكان النفق شديد الصعوبة على المسلمين؛ فكان يرشد الناس إلى الطريق بصوت خافت لظلمة النفق ولئلا يسمعه الفرس، وتحرر المسلمون من كل شيء إلا جلبابًا خفيفًا والسيف مربوط على صدورهم، ويجتاز المسلمون النفق ويصل سيدنا مجزأة بن ثور إلى باب النفق , و هنا كانت المفاجأة إذ بعد عبور النفق لم يتبق إلا 80 رجلاً معه و ابتلع هذا النفق 220 رجلاً من أفضل الرجال .
9- دخل سيدنا مجزأة بن ثور مع المسلمين خُفْيَة وتحسَّسَ الطريق حتى وصلوا إلى باب الحصن، فتقاتلوا مع قادة حرس الباب في معركة شديدة، وكان الجيش الفارسي في سُبَاتٍ عميق، ولم تبقَ إلا الحامية التي دخل معها المسلمون في قتال عنيف وسريع، وأثناء القتال تتوجه مجموعة من المسلمين ناحية الباب لتفتحه للجيوش الإسلامية، ثم بدأ المسلمون من داخل الحصن في التكبير، وكانت هذه التكبيرات إشارة للقوات الإسلامية خارج الحصن إلى السيطرة على الموقف، وأَنَّ عليهم أنْ يكونوا على أُهْبَةِ الاستعداد، فوقف المسلمون على باب الحصن قبل أن يُفتحَ الباب، وما إن فُتِحَ باب الحصن حتى انهمر المسلمون داخل حصن "تُسْتَر" كالسيل، والتقى المسلمون مع الفرس في معركة من أعنف المعارك في الفتوحات الفارسية حتى هذه اللحظة , 30 ألف رجل ضد 150 ألف رجل في أرض مفتوحة مباشرة فقط لغة السيوف و الدروع هي التي تتكلم و كان قتالاً رهيباً و كانت كل لحظة في هذا القتال في منتهى الضراوة و كانت تحمل معنى الموت لكل من فيها بسبب شدة القتال و عنفه حتى أن بعض الصحابة كانوا يبكون إذا تذكروا فتح تستر .
10 - الهرمزان قائد الفرس في هذه المعركة العنيفة : ( كان رجلاً قوي البنية من يواجهه يهابه بسبب قوته الجسمانية و براعته القتالية الغير عادية و هو من أبرع القواد الفارسيين إن لم يكن أبرعهم ) و في خضم هذه الأحداث يلمح ( البراء بن مالك ) الهرمزان و حاول البراء الوصول إليه و لكنه كان قائد جيش ( رأس الأفعى ) يصعب الوصول إليه , قاتل البراء بمنتهى الضراوة حتى قيل أنه قتل ما يزيد على المائة رجل ليصل إلى الهرمزان ( هنا بدأ النزال حقيقي بين البراء و الهرمزان تقاتلا بعنف إلا أن الله أبى إلا أن ينال البراء الشهادة فيقتله الهرمزان و يلوذ بالفرار من أمام ذلك الأسد ) , رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه و رحم الله البراء بن مالك فقد طلب الشهادة فاستجاب له الله دعوته بفتح تُسْتَر وهزيمة الفرس واستشهاده .
11 - مازالت السيوف الإسلامية تعمل في رقاب الفرس و هنالك من بعد حاول ( مجزأة بن ثور ) الوصول إلى البراء بن مالك حتى يسانده لكنه وصل متأخراً فطارد الهرمزان و بمنتهى القوة و الضراوة يسعى لقتل الهرمزان و لكن الوضع يختلف إذ أن الهرمزان أصبح أمام الفارس الذي عرف عنه بالشجاعة و القوة ( و حدث تبارز رهيب بالسيوف بينهما و طالت هذه المبارزة بينهما حتى أصبح كلاهما مصاب بالجروح في جسده و يضرب سيدنا مجزأة السيف ليقتل الهرمزان و يفعل الهرمزان نفس الشئ في الوقت ذاته إلا أن الهرمزان تلقى ضربة مجزأة في درعه و تقتل ضربته سيدنا مجزأة بن ثور ( رحم الله سيدنا مجزأة بن ثور و كفى به بأن يكون صحابياً و بالجهاد في سبيل الله فخراً و لينم قرير العين بعد جَهْدٍ أمضاه في خدمة الإسلام، ليلحق بركب المجاهدين ويكون ممن أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقًا ) .
12- لم يجد الهرمزان حيلة إلا الاختفاء داخل قصره الكبير، وأغلق عليه بابه الكبير؛ فقد كان قصرًا أقرب إلى الحصن، أما القوات الفارسية فما بين قتيل أو جريح أو أسير أو هارب وبعد أن صعد الهرمزان إلى قصره وأغلق بابه نادى على المسلمين: إن معي في جعبتي مائة سهم، لو أطلقتُها لقتلتُ مائة منكم؛ فسهمي لا يخطئ، فأي نصر تحققونه إذا أخذتموني وقتلت منكم مائة؟! فقالوا له: ماذا تريد؟ قال: أريد أن أنزل على رأي عمر. وبعد أن تناقش المسلمون قَبِلَ أبو سبرة بن أبي رهم عَرْضَ الهرمزان؛ فألقى الهرمزان بالسهام وسلَّم نفسه للمسلمين وتم القبض على الهرمزان، ووفاءً للعهد مع الهرمزان قرر المسلمون إرساله إلى سيدنا عمر بن الخطاب ليرى فيه رأيه وليحكم فيه، ووصلت الأنباء إلى سيدنا عمر بن الخطاب بتمام النعمة على المسلمين بفتح تستر بعد عام ونصف العام من حصارها، وأَسْرِ الهرمزان .
13 - وأمر سيدنا عمر بن الخطاب أن يأتي إليه الهرمزان ومعه فرقة لحراسته، وعلى رأس هذه الفرقة سيدنا ( أنس بن مالك ) أخو ( البراء بن مالك ) ، وسيدنا ( الأحنف بن قيس ) من أمهر مقاتلي اليمن ، وسيدنا ( المغيرة بن شعبة ) الذي كان طوله مقارباً ل(عمر بن الخطاب) أي ما يقارب ال 3 أمتار و كان معروفاً بالدهاء و قوة البنية ، وعرف سيدنا عمر بن الخطاب أن الهرمزان ذو مكرٍ ودهاء وحيلة؛ فأرسل معه هذه الحامية التي على رأسها هؤلاء الثلاثة من المقاتلين المسلمين المهرة، وبدأ المسلمون بتوجيه القوات الإسلامية في الاتجاهات التي أمر سيدنا عمر بفتحها، ووجه المسلمون الهرمزان إلى سيدنا عمر بن الخطاب في المدينة ليرى رأيه في هذا الرجل الذي نقض عهده أكثر من مرة مع المسلمين.
14 - يذكر سيدنا أبو موسى عن جيش المسلمين أنه دخل مدينة تُسْتَر عند أذان الفجر، وبدخول المسلمين بدأت المعركة ذات البأس الشديد بين المسلمين والفرس، فلم يتمكن المسلمون من صلاة الفجر في أول الوقت، وظل القتال مستمرًّا حتى بعد أن طلعت الشمس، ومن شدة ضراوة المعركة لم يتمكن المسلمون من الصلاة إيماءً كما حدث في جَلُولاء فقد صلَّى المسلمون إيماءً برءوسهم وهم على الخيول، وبعد أن أتمَّ اللهُ نصره للمسلمين صلَّى المسلمون الصبح بعد شروق الشمس، وكلما ذُكِرَتْ صلاة الفجر أمام سيدنا أبي موسى الأشعري بعد موقعة تُسْتَر كان يقول: والله لقد ضُيِّعَتْ علينا صلاةُ الصبح، لصلاة الصبح عندي خير من ألف فتح. يتألم أبو موسى الأشعري من صلاة فجر ضيعها في وقتٍ السيوف فيه على الرقاب، ولم يتمكن من صلاتها إيماءً، فهو يحزن على ضياع هذه الصلاة وعنده ما يعتذر به، فلا بد من حمل هذا الأمر على محمل الجد، فتضييع صلاة الفجر أو تضييع فرض من الفروض أحد عوامل الهزيمة الرئيسية للمسلمين، فما نراه من ضعف قد حَلَّ بالمسلمين ليس له إلا سبب واحد، ذكره سيدنا عمر بن الخطاب للجيوش الإسلامية: "إنكم تُنصَرون عليهم بطاعتكم لله ومعصيتهم لله، فإن تساويتم في المعصية كانت لهم الغلبة عليكم بقوة العُدَّة والعتاد".
آمل أن أكون قد وفقت في سردي للأحداث لمعركة تعتبر واحدة من أصعب 4 معارك لفتح بلاد فارس إن لم تكن هي الأصعب برغم أن الجيش الفارسي فيها لم يكن بالحجم الكبير للغاية و لم يكن فيهم القادة الأفذاذ باستثناء الهرمزان ( القائد العام ) إلا أن فيها من تضحيات جيش المسلمين ما يرشح هذه المعركة بقوة لأن تكون امتحاناً حقيقياً للثبات على الحق ( أسأل الله أن يعيد أمجاد هذه الأمة الميمونة و أن يحيي فيها رجالاً أمثال هؤلاء الرجال و رحم الله سيدنا البراء بن مالك و سيدنا مجزأة بن ثور و أبدلهم في الفردوس الأعلى جنة و حريراً في نعيم مقيم هم فيها خالدون و جميع ممن نحسبهم من شهداء المسلمين )
آسف على إطالتي في موضوعي الأول و آمل أن تكونوا قد استفدتم و أن في تاريجنا ما يغنينا عن سرد أحداث البطولة و هذه من روائع الأحداث الحقيقية التي حدثت بالفعل و أمثلة لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,,,,,,,,, دمتم في رعاية الله و حفظه